كيفية التأقلم مع الاحتراق النفسى للوالدين
بواسطة: دكتور.عصام جابر علي - 21 نوفمبر 2018
بداية من العام ٢٠١٢، بدأ العالم يحتفل كل سنة في الأول من يونيو باليوم العالمي للآباء والأمهات. الاحتفال ده كان لتقديم الشكر والعرفان للآباء والأمهات على مستوى العالم اعترافا بالدور الخطير اللي بيقوموا بيه، واحتراما للضغوط الكبيرة اللي بيتحملوها.
النتيجة المحتملة للضغوط دي ظهور ما يسمى "الاحتراق النفسي للوالدين". ويقصد بيه حالة من الإجهاد العاطفي، بلادة المشاعر، ونقص الشعور بالانجاز الشخصي اللي ممكن تؤثر على قدرة الأب والأم على القيام بدورهم على أكمل وجه.
عشان كده، مهم جدا لكل أب وكل أم إنهم يقروا المقال ده بمنتهى التركيز. على بركة الله!!
النهاردة حابب أقول لكم على الخبر السار: علاج الاحتراق النفسي للآباء ممكن - وبسهولة.
لازم تفهم وتفهمي كويس ان الاحتراق النفسي اللي بيجيلك ده هو مجرد حالة مرضية طرئت عليك، ومهياش خالص تعبير عن حقيقتك أو شخصيتك. وكمان ضروري تفهم إنك مش لوحدك في القصة دي، لا انت الأب الوحيد ولا إنتي الأم الوحيدة اللي بتعانوا من الموضوع ده.
إذا كنت شاكك أو شاكة في أنك بتعاني ، أو ناوي تعاني من الاحتراق النفسي، انصحك تبدأ في تطبيق الخطوات الستة البسيطة دي، واللي هنتكلم عنهم بشئ من التفصيل عشان تقدر تعمل تغيير في حياتك للأفضل.
الخطوة
1 بطل تحارب عشان تكون الأب الكامل أو تكوني الأم الكاملة، أو انكم تربوا الطفل الكامل اللي مفهوش غلطة.
كل اللي أطفالك محتاجينه منك انك تكوني أم معقولة، مش سوبر ماما ولا حاجة. والأب كمان نفس الشيء. فيا ريت تنزلي شوية بسقف توقعاتك عن المطلوب منك واللي المفروض تعمليه. ويساعدك على كده اوي انك تدي الأولوية لحاجات معينة في تربيتك لاطفالك وتركزي عليها كويس، وتسيبك من الحاجات التانية اللي مش شايفاها أولوية. يعني مثلا: مش لازم تشتركي لبنتك في دروس تحفيظ، وكورس التلوين، وتمرين الباليه، وده كله جنب المدرسة.
دخلي شوية تحسينات صغيرة وإدي نفسك فرصة انك تشعري بالرضا عن ده ، ومع الوقت هتتراكم التحسينات لحد ما تديكي النتيجة اللي نفسك فيها.
حاجة كمان في غاية الأهمية ولازم تتوقفوا عنها حالا: بلاش التركيز على إن ولادنا يطلعوا كاملين في كل شيء - مفيش حد كده على فكرة ولا حتى انتو!! يعني شاطر في المدرسة وحافظ قرآن وشاطر في الرسم ويرقص ويغني ويلعب كاراتيه!! بصوا لولادكم كأشخاص، مش مجرد كيانات حضراتكم عاوزين تشكلوها بناء على مفهومكم الخاص عن الكمال.
وبلاش تضحكي على نفسك، انتي بعنيكي شوفتي أسر مكنتيش موافقة على طريقة تربيتهم لولادهم وثبت في الآخر أن كلامك كان صح وانهم آذوا ولادهم بدون قصد، ولما كنتي تنصحيهم كان ردهم انهم عاوزين مصلحته. وارجع تاني وأقول: مفيش حاجة اسمها أب أو أم كاملين، ولا حاجة اسمها طفل كامل، والموضوع ده كله مفيش من وراه غير وجع القلب. وياسلام بقى لو رغبات الأم غير رغبات الأب، وكل واحد عاوز يشكل الولد أو البنت على مزاجه، وهات يا خناق على الابناء ومع الابناء وخصوصا لو كانوا في مرحلة المراهقة.
الخطوة
2 حطي ايدك على الحاجات الايجابية وركزي عليها
الخطوة دي ماشية أوي مع فكرة التخلي عن الكمال اللي اتكلمنا عنها. ركزي دايما على نقط القوة اللي في طفلك، وخليكي واثقة أنه هيفضل يتعلم ويتحسن كل يوم في المجالات اللي لسه محتاجة تحسين.
ونفس الكلام ينطبق عليكي انتي كمان على فكرة. انتي كمان لازم يبقى تركيزك على الحاجات اللي بتعرفي تعمليها حلو (أكل بقى، مذاكرة، انشطة، زي ما تيجي) وفي نفس الوقت تقدري تدخلي شوية تحسينات على ما أُسُم كده في الحتت اللي انتي فيها لسه مش أوي. يعني مثلا، لو حضرتك شاطرة في تنظيم الوقت، شوفي ممكن توظفي ده في حياتك اليومية إزاي، وحاولي تزرعي ده في حياة ولادك بطريقة إيجابية.
الخطوة
3 دور على الدعم
حاجة غريبة فعلا لما تستتقلي إنك تطلبي مساعدة من حد، على الرغم من إنك بتشعري براحة كبيرة في تقديم المساعدة. عشان كده ، ليه متديش للناس فرصة انهم يساعدوكي المرادي، وتدي نفسك فرصة أن حد يساعدك من وقت للتاني.
الدعم أو المساعدة حاجة في غاية الأهمية للآباء والأمهات اللي بيقدروا يتكيفوا مع الحياة الأسرية. وممكن تيجي في أشكال كتير - من الأهل ، أو الأصدقاء ، أو الزوج ، أو موارد مجتمعية، أو حد دي شغلته. وعلى فكرة، الموضوع ممكن يكون بسيط أوي، زي واحدة ممكن تتصلي بيها تسمعك أو تقدم لك نصيحة.
بصي حواليكي ، هتلاقي أشخاص كتير في حياتك يقدموا لك الدعم بطرق متجيش على بالك. مثلا ، اطلب من حد يقضي وقت مع أطفالك ، عشان تقدري تاخدي فترة راحة.
حاجة كمان ، اوعي تخافي إنك تطلبي من أطفالك نفسهم بعض الامور. ولادك مش هيجرالهم حاجة يعني لو كلفتيهم بحاجة وعملوها. بلاش نشاطك الزايد يعلمهم الكسل أو عدم التعاون.
متخليش الولاد ياخدوا الحاجة على الجاهز، بالعكس. خليهم يتعبوا في الحاجة عشان يعرفوا قيمتها، ويبقوا فاهمين ان مش مقبول منهم اقل من كده. . يعني ، قبل وقت التي ڤي أو نزول الشارع، اديهم مهمة يخلصوها الأول، وبعدين نشوف المواضيع دي. ممكن الموضوع يبقى مجرد إنهم ينزلوا كيس الزبالة كل ليلة ، أو انهم يلموا اللعب أو يبعدوها عن اخواتهم الصغيرين.
الحاجات البسيطة دي هتساعد في تخفيف العبء اللي عليكي، وبالمرة تعلميهم تحمل المسؤولية وازاي يتعاونوا مع غيرهم.
الخلاصة: الكبار محتاجين يقضوا وقت زي الكبار!! الأب أو الأم محتاجين يحسوا انهم بني ادمين ، مش مجرد آلات شغلتها "أولياء أمور". الكبار محتاجين حب، ولعب، وحميمية.
الخطوة
4 كتر العِدد اللي في صندوق العدة بتاعك
في أحيان كتيرة، يقدر الأب أو الأم يبقوا اكتر كفاءة ويوصلوا لنتايج احسن مع ولادهم وبمجهود أقل. ادوات كتيرة ممكن تستخدمها: كتب عن الأبوة أو الأمومة، الانضمام إلى جروبات دعم الآباء والأمهات في محيطك، أو اللجوء لأهل العلم من التربويين أو الاخصائيين النفسيين وأي حد غيرهم يقدر يساعد.
وعشان مبقاش ظلمتك لازم احذرك من نوعية كتب الأبوة والأمومة اللي ترجع لها ، لان كتير منها ممكن يبقى صعب أوي ومجعلص، ويزود من احساسك بعدم الكفاءة. دايما اختار كتب المساعدة الذاتية لأنها بتبقى مكتوبة بطريقة تدي الآباء فكرة أن في أكتر من وسيلة الواحد يقدر بيها يربي عياله، وكلهم صح.
الخطوة
5 غيّر نمط حياتك
ممكن تبتدي بتغييرات بسيطة زي انك تلاقي الدعم اللي انتي محتاجاه، أو انك تبدئي تخصصي وقت لنفسك، وتمارسي الأمومة بشكل أكتر فعالية. بمجرد ما الأب أو الأم يعترف بالمشكلة اللي هم واقعين فيها فعليا ويبدي استعداد إنه ياخد خطوات للحل، ساعتها ممكن يقيموا الوضع مع بعض ويقرروا الحلول المتاحة اللي هم محتاجينها. التغييرات دي ممكن تكون كبيرة، زي مثلا تغيير الوظيفة أو إن حد فيهم - غالباً الأم - يضطر يسيب شغله أو ياخد اجازة طويلة شوية.
تغيير تاني - واسهل بكتير المفروض يعني - هو التقليل من استخدام التكنولوجيا ، سواء لنفسك أو لأطفالك. لازم تعرف أن الشغل يقدر يستنى وأنك لازم تكون موجود وحاضر فعلا لما تكون مع ولادك. قاوم الرغبة في الرد على كل رسايل الواتس أو الايميل. ممكن تقول لنفسك أن الرد مش هياخد دقيقة ، بس الحقيقة إن الدقيقة دي هتاكل من الوقت العزيز اللي هتقضيه مع الولاد.
اما بقى لما موضوع التكنولوجيا بيتعلق بالأطفال ، فمهم جدا إنك تكوني حاطة حدود واضحة أوي. يعني مثلا لازم تكون معاكي كل الباسووردز - كلمات المرور - وكمان يستحسن لو برامج إشراف ابوي على اجهزة الأطفال. وغير كده كمان، لازم تحطي حدود للأوقات المحددة اللي مسموح لهم فيها يستخدموا الاجهزة بتاعتهم ، ومكان محدد تتحط فيه الأجهزة المحمولة بتاعتهم لما يبقى مش مسموح لهم يشتغلوا عليها.
الخطوة
6 بطّل تحس بالذنب كل ما تفكر في نفسك شوية
لازم تفهمي إن الوقت اللي بتخصصيه لنفسك أمر حيوي جدا لصحتك، وإن فاقد الشيء لا يعطيه. يعني حضرتك لما تكوني مش سعيدة ولا حاسة بالرضا مش هتقدري تقدمي لولادك السعادة والحب اللي هم منتظرينه منك.
بالظبط زي قناع الأوكسجين اللي بينزل في الطيارة. دايما تيجي تعليمات طقم الطيارة إنك تحطي القناع بتاعك الأول وبعدين ابتدي ساعدي الأطفال الصغيرين. والسبب في ده ببساطة اننا مش هنبقى مفيدين للولاد لو كنا إحنا نفسنا مش قادرين نتنفس كويس. الوقت اللي بتخصصيه لنفسك قد كده حيوي ومهم، وكونك تهملي إنك تخليه جزء من نمط حياتك معناه انك بتحطي نفسك على خط البداية للمشاكل النفسية.
ولازم الأب والأم يفهموا إنهم لما ما يستثمروش الوقت الخاص ده في تنمية علاقتهم ببعض، فإن العلاقة مابينهم هتعاني ، واحتياجاتهم العاطفية عمرها ما هتتلاقى، يعني بالبلدي هيتوهوا من بعض.
فكرة إن الأب أو الأم يقدموا الدعم العاطفي لبعض ؛ يستمعوا لبعض وكل واحد فيهم يفهم اللي التاني بيمر بيه ، أو يحسسه بالتقدير والتعاطف مع الدور اللي بيقوم بيه ، أو حتى مجرد معرفة كل واحد فيهم إن في حد شاعر بيه ومهام بمشاعره دي، ده في حد ذاته أمر حيوي جدا للصحة النفسية - ومن غيره ، بيكون الاحتراق النفسي فاضلّه تكة صغيرة.
من الآخر، الكبار محتاجين يقضوا وقت زي الكبار!! الأب أو الأم محتاجين يحسوا انهم بني ادمين ، مش مجرد آلات شغلتها "أولياء أمور". الكبار محتاجين حب، ولعب، وحميمية. عشان كده ، اخرجي مع صاحباتك ، دلعي نفسك، روحي سپا، أو خدي إجازة انت وجوزك بس. العيال مش هيجرا لهم حاجة!